عن أبي هريرة قال- قال صلى الله عليه وسلم - : ( أتدرون من المفلس ؟ قالوا: المفلس فينا: من لا درهم له ولا متاع، فقال: المفلس من أُمَّتِي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام، وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار ).
شرح الحديث
ان الغايه المنشوده من العبادات فى الاسلام هو ان تزكى النفس الانسانيه وتوثق صله الانسان بخالقه وبالناس .
فبالصلاه ينتهى المسلم عن الفحشاء والمنكر, وبالزكاه تترعرع الالفه بين القلوب وينمو الاحسان بين الناس فى الدنيا, وبالصوم يتمرس الانسان على الصبر وسائر خصال التقوى والبر, وبالحج تتم سائر الفضائل الدينيه التى تغرسها مناسكه فى قلب المسلم.
وهكذا تثمر العبادات فى الاسلام ثمرتها وتؤتى اكلها اذا صدقت بها نيه صاحبها وارتوت منها احاسيسه, اما اذا اداها كمجرد عاده يقوم بها وافعال جامده لا روح فيها فلا وزن لها ولا ثمره ترجى من ورائها.
وما اكثر ما نرى من يحرصون على العبادات ويظهرون بالمداومه عليها ثم يفعلون ما يتنافى مع روح العبادات ويقترفون ما لا يرضاه الدين.
ان امثال هؤلاء قد ادوا العبادات بصوره هشه وكانوا كمن يحمل الكثير من المال وعليه اضعافه من الديون فان حل وقت الاداء وجدها قليله الجدوى اكثرها مزيف ولا يغنى فتيلا.
ان الحديث يصور لنا حقيقه المفلس, وانه يكون معدوم النفع بين الناس قليل الخير , كثير الشر فى الدنيا.كما انه فى الاخره هالك خاسر لا رصيد له من الخير, حيث تؤخذ من حسناته لغرمائه فاذا ما انتهت حسناته ولم تف ما عليه من حقوق اخذ من سيئاتهم فوضعت عليه ثم القى فى النار فتتم خسارته.
اما ما حسبه الناس من ان المفلس هو من لا مال له فليس حقيقيا فان من لا مال له او قل ماله قد يحصل على اليسار فينقطع افلاسه اما من لارصيد له من الدين فهو خاسر فى الدنيا والاخره وذلك هو الخسران المبين.
وهكذا يتضح لنا كيف تؤدى الاخلاق السيئه بصاحبها الى الهلاك مهما كثرت العبادات والعكس صحيح فان قليلا من العبادات الصحيحه الكامله مع حسن الخلق تكفل النجاه لصاحبها.